على مشارف اللقاء

على مشارف اللقاء

قبل أن أغلق عيني تفحصت الغرفة جيدا وجالت عيني على مكوناتها: الجدران
الأربعة، الباب و النافذة، المكتب والكرسي، الدولاب والمكتب، صورة معلقة
على الحائط " تعيد لي الذكريات "، الأضواء ترسم هالات متحركة على السقف
والجدران رأيت كل هذا ثم أغلقت عيني.

ترن في أذني زمجرة السيارات وضجة الشارع وموسيقى الجيران،تكتكة الساعة
بجانب السرير تقرع فراغ الغرفة بانتظام فجأة يرتفع الصوت ويغلظ ويتمدد
ويتباطأ ثانية يصبح حاداً ويصبح ذا صدى .

رائحة السجائر المدخنة في المنفضة لاذعة تكتم أنفاسي وكأن حلقي مملوء
بالرماد، يتسارع قلبي وتنتفخ شراييني أسمع نبضي في طبلة أذني المضغوطة على
المخدة ماذا جرى أشعر بالانقباض؟؟؟ لا بد أنه رهبة لقاء الغد .

أغلقت عيني أخذت أسترجع يومي، كان عادياً رتيباً لم يملؤه غير اللقاء،
أخذت أسترجع هذا اللقاء أفكار مشوشة مضطربة تتكون في ذهني كما لو أنها
قادمة من معمل نسيج، أفكار متراكمة كما في كتب التاريخ وكلمات هنا وهناك
تحوم حولها لا تستطيع أن تكون منها جملا فهي ليست سوى رغبات وصور تسير
موازية لها ليس بينها اندماج، شذرات من كلمات ترن بوضوح وجمل تغني بإلحاح.

أبدا التقلب في فراشي أشعر أني محشور في علبة كبريت وجبيني يتصبب عرقا
باردا أنفاسي لاهثة صراع داخلي يرتجف نبضي وقلبي يكاد ينفجر أخيراً يتحرر
ذهني وأنفس روحي وأنشر أفكاري كل ما في عقلي يتحرر وأطنان من الحركات
والأفكار ترفرف حولي وأعود حراً.

تدخل ظلامي زفة من الأضواء الباهرة كومضة برق صورة بلورية قفزت لتسكن أعمق
أعماقي وحيدة صورة نقية واضحة قاسية ثلجية رقيقة التصميم كبيت العنكبوت،
هناك ثابتة تحرقني كشمس الظهر